سمير الرفاعي.. بيان في كتاب!!!

بقلم: الدكتور بسام الزعبي

في شهر 5/2006 أجريت مقابلة مع دولة الأستاذ سمير الرفاعي، نشرت في مجلة جوردان لاند الاقتصادية، تحدث فيها الرفاعي عن شركة الأردن دبي كابيتال، وأشار فيها إلى أن الغاية من الشركة هي تطوير الاقتصاد الأردني بفضل علاقاتنا الإقليمية الفريدة التي يتمتع بها الأردن مع الدول الشقيقة المحيطة بنا.

كما أشار الرفاعي في المقابلة إلى أن الشركة هي من أكبر الشركات في الأردن، في ذلك الوقت، وأنه يتمنى أن تكون الأكثر تأثيراً وفاعلية على أرض الواقع من خلال المشاريع التي ستقيمها، كما بين أن الشركة مهتمة بمشاريع الخصخصة التي كان الأردن بصدد طرحها، إلى جانب تناوله لرؤية الشركة والمشاريع المهتمة بتنفيذها في الأردن حينها.

اليوم، وبعد حوالي 13 عاماً، يصدر الرفاعي كتاباً يوضح فيه قصة (شركة الأردن دبي كابيتال) من الألف إلى الياء، تحت عنوان: شركة الأردن دبي كابيتال واستثماراتها في الأردن، حقائق وأرقام 2005 – 2009، حيث يشتمل الكتاب على 668 صفحة من القطع الكبير!!!، ويتضمن ستة فصول (242 صفحة)، وملاحق وثائقية (408 صفحات)!!!، ويحتوي الكتاب في بدايته مخططاً تفصيلياً لكامل الشركات الاستثمارية، سواء تلك التي أسستها الشركة الأم، أو التي كانت موجودة واستثمرت فيها الشركة.

ويوضح هذا المخطط التفصيلي بشكل جلي تبعية الشركات الفرعية للشركة الأم، ونسبة الملكية فيها وتواريخ تأسيسها، وأسماء المؤسسين للشركة الأم ونسب مساهماتهم عند التأسيس في العام 2005، وكذلك في العام 2009 حين غادر الرفاعي موقعه كرئيس تنفيذي لها، ليكون الكتاب بمثابة بيان اقتصادي متكامل!.

ما أريد قوله، صدور الكتاب بحد ذاته سابقة اقتصادية لم تحصل في الأردن من قبل، إذ أننا لم نعتد أن يخرج مسؤول سابق أو حالي ليدافع عن موضوع معين هو جزء منه أو يمسه من خلال كتاب كامل!!!، حيث فند الرفاعي كل كبيرة وصغيرة قيلت بحق الشركة، أو بحقه شخصياً، مدعمه بالوثائق الرسمية القانونية، ليكون الكتاب رسالة لكل منصف وباحث عن الحقيقة بحيادية وشفافية وأمانة ومسؤولية وصدق، حيث يقول الرفاعي: (ارتأيت أن أقدم هذا الكتاب، إجلاء للحقيقة، وتنقية للمعلومة، واحتراماً لحق الناس في المعرفة المجردة، الخالية من التداخلات والتوظيف).

الكتاب ظاهرة إيجابية أردنية جديدة، بل أن سمير الرفاعي أصبح يشكل ظاهرة إيجابية متميزة بميزة لم نعهدها في المسؤولين الأردنيين حديثاً؛ وهي (الشفافية والمصارحة والمكاشفة والمواجهة بالمعلومات والحقائق والأرقام)، فما اعتدنا عليه من المسؤولين على الدوام في عرض الحال أو الدفاع عن الذات لا يخرج عن أحد الأمور المعهودة.. الدفاع بالتحدي.. أو الدفاع على أساس ردة الفعل الانفعالية.. أو الصمت القاتل الذي يثبت الخطأ والشك لدى الجميع!.

منذ ترك الرفاعي موقعه الرسمي الأخير كرئيس للوزراء، بدأ رحلته في التفاعل مع المجتمع الأردني بكافة أطيافه ومواقعه من خلال المحاضرات والندوات التي قدم فيها رؤيته الشخصية في العديد من القضايا والملفات الوطنية، وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه حول رأيه، إلا أن المبدأ المهم هو الحوار مع الأخر وتبادل وجهات النظر.

وبغض النظر عن مدى قناعتنا بما طرح أو قد يطرح، فقد تمكن الرفاعي من خلق فرصة ومساحة كبيرة للحوار الوطني في قضايا وطنية هي مدار حديث الشارع الذي يقيم الأشخاص والأمور على أسس عدة، غالباً ما يرافقها الهجوم والانتقاد والطعن والتشكيك، وهذا للأسف الشديد طبع أردني سلبي أصبح يتطبع به العديد منا حديثاً، وقد يكون لوسائل التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً فيه!!.

قدم الرفاعي أراءه من خلال الحوار المباشر، ودافع عن قناعاته بكل حرية وحيادية، وشارك الناس قضاياهم وهمومهم بصوت مرتفع، وقدم مؤخراً جردة حساب تفصيلية (هي الأولى من نوعها) عندما استضافته جماعة عمان لحوارات المستقبل للحديث عن فترة توليه رئاسة الحكومة قبل عقد من الزمن، في مؤشر على أن الرجل يمتلك من القوة والجراءة ما يجعله يواجه الجميع بثقة ومسؤولية وشفافية ورقي، بعيداً عن الهجومية والتشكيك والاتهام، فهو صاحب خلق رفيع وأدب جم، يحاور بهدوء.. وينتقد بأدب.. ويجيب بثقة.

شكل الرفاعي شخصية تتمتع بفكر منفتح شفاف، وهو ما دفع من سبقه أو تلاه من رؤساء الحكومات للاستجابة للنداءات والمبادرات الشعبية لمواجهة الحقائق، وقد تكون مبادرة جماعة عمان للالتقاء برؤساء الوزراء السابقين وفتح الحوار معهم عن فترات توليهم رئاسة الحكومات الأردنية على مدى عقود طويلة، هي محرك وطني وأسلوب جديد للحوار المنفتح المنصف، وما تجاوب الرفاعي في أن يكون أول من استجاب لتلك المبادرة إلا مؤشر على مدى الثقة بالنفس والإيمان المطلق بقدرته على مواجهة الأخر بمسؤولية وشفافية، وهنا ندعو الجميع لتحكيم الضمير وللعودة للحكمة والإنصاف في الحوار مع الأخر ونقده بأمانة ومسؤولية، ليبقى الأردن ينعم بالأمن والمحبة والسلام والتصالح مع الذات!!.

12-حزيران-2019 17:49 م

نبذة عن الكاتب